الصورة لغةً واصطلاحاً
• الصورة لغة:
ورد لفظ الصورة في معجم تاج العروس من مادة [ص، و، ر] الهيئة والحقيقة،( والصفة (ج صور)، بضم، ففتح، وتستعمل الصورة بمعنى النوع والصفة. ( )وقد أشار البعض إلى أنَّ معناها في قوله تعالى: (( ونفخ في الصور )) هو جمع صورة يُنْفخُ في صور الموتى الأرواح( )
وابن منظور ينطلق في تحديد مفهوم الصورة من أحد أسماء الله الحسنى (المُصِّور) : اسم من أسماء الله تعالى، وهو الذي صور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها. وتصورت الشيء: توهَّمت صورته فتصوَّر لي. والتصاوير: التماثيل والصُّورة ترد في كلام العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئتهُ وعلى معنى صِفَتهِ يقال: صورةُ الأمرِ كذا وكذا أي صِفتُه.( )
صَّورَ (تصويراً) حول الشيء صورة وشكلاً، وَصَفَ بدقة.
في أي صورة ما شاء ركبَّك: والجمع صُورٌ وصِورٌ وصُوْرٌ، وصوّرَهُ الله صورةً حسنةً فتصوَّر . وفي حديث ابن مقرن: أما علمت أن الصُّورة محرمةٌ؟ أراد بالصُّورة الوجه وتحريمها المنَع من الضرب واللطم على الوجه. بمعنى أراد بالصورة الوجه
ويركز مفهوم الصُّورة كما ورد في اللسان على حقيقة الشيء وهيئته التي هو عليها، ويوضح الصفة التي يكون عليها.
فقد بيّن صاحب اللسان أن لكل شيء هيئتهُ الخاصة التي تمّيزه عن غيره، فيعرف بها، وأشار أيضاً إلى كثرة الهيئات واختلافها.
وكما ورد مفهوم الصورة في "لسان العرب" لابن منظور، حيث قال: "الصورة في الشكل، والجمع صور، وقد صوره فتصور، وتصورت الشيء توهمت صورته، فتصور لي، والتصاوير، التماثيل( )
وجاء في القاموس المحيط "فالصورة بالضم الشَّكلُ صُورٌ وصِوَرٌ واستعمل الصورة بمعنى النوع والصفة.( )
وفي المعجم الوسيط الصورة هي "الشكل والتماثيل المجسم، والصورة المسألة أو الأمر يقال: هذا الأمر على ثلاث صور: وصورة التي ماهيته المجردة وخياله في الذهن والعقل( )

وابن فارس في بداية حديثه عن الصورة يقول: " الصاد والواو والراء كلمات كثيرة متباينة الأصول، وليس هذا الباب باب قياس ولا اشتقاق له" ( )
ولكي تتضح لنا معاني المادة ومفاهيمها المتنوعة والمختلفة ، علينا بالبحث عن معنى فعلها الثلاثي ، حيث وردت صيغة الفعل الماضي الثلاثي للمادة أجوف، عينه في الماضي ألف وفي المضارع ياء ، ودار في معناه، ومدلوله إحدى أخوات كان بمعنى يفيد التحول والتغير .
وانطلاقاً من هذا فمادة " الصاد والعين الجوفاء والراء" تحمل البنية الأساسية للفعل ، ومن هذه البنية يتفرع الفعل الرباعي( صير، صور) ، فالفعل " صير" معناه جمع الأشتات ولملمتها ثم جعلها كياناً متحداً، فأما الفعل " صور" فإنه يستوي معيناً للفظة تصور، وهذه اللفظة وردت في الكثير من النماذج والنصوص العربية .
يقول ابن سيدة :" الصورة في الشكل والجمع ( صُور- و صور- وصَور) بضم الصاد وكسره و فتحها، و الشكل في ھذا المعنى یقتصر على ظاھر الشيء من غیر التوغل للكشف عن لبه و جوھره" ( )
وورد في الصحاح أنَّ:" الصِورُ بكسر الصاد : لغة في الصُّورِ جمع صورة... وصوَّرهُ اللهُ صُورةً حسنةً فتصوَّر. ورجلٌ صَيَّرٌ شيِّرٌ ، أي حسنُ الصورة والشارة " ( )
• الصورة اصطلاحاً:
تعدَّد مفهوم الصُّورة وتنوع باختلاف فهمها عند النقاد، فقد ظهرت تسميات مختلفة (صورة أدبية، صورة فنية، صورة بلاغية، صورة شعرية).
وتحمل الصورة دلالات متعددة فهي مزيج من الحركة والألوان والأفكار والعواطف ، يقول شوقي ضيف في تعريفه للصورة : " الصُّورة من يد صنَّاع يعرف كيف يضمّ الخط إلى الخط واللون إلى اللون، والضوء إلى الضوء، والظل إلى الظل، فلا تحسّ نشازاً بل تحس استواءً وائتلافاً"( )
فالصورة الفنية عملية متكاملة تقوم على التشبيه والاستعارة وغيرها من أوان البديع مجتمعة لإبراز المعنى وتوضيحه وتقديمه للمتلقي .وهي بذلك تترك أثرها الكبير في نفس المتلقي.
يقول عبد القادر رباعي في تعريف الصورة الفنية :" هي ابنة للخيال الشعري الممتاز الذي يتألف عند الشُّعراء من قوى داخلية، تفوق العناصر وتنشر المواد ثم تعيد ترتيبها لتصبها في قالب خاص حين تريد خلق فن جديد متحد منسجم" ( )
ويعرفها جابر عصفور بأنها " طريقة خاصة من طرق التعبير أو وجه من أوجه الدلالة ".( ) حيث جعلها وسيلة من وسائل التعبير التي تحدد الدلالة وتبينها.
فالصورة هي تعبير عن حالة نفسية يعيشها وينقلها إلى الملتقى ليشعر بها ، ويحسُّ بها، ويمثلها بكل محتوياتها .
أما مفردات الصورة وعناصرها فتكاد تنحصر في اللفظ الذي يتناسب مع الغرض والعاطفة .
وهناك من النقاد من اعتبرها بمثابة " المحوري الذي تبنى عليه القصيدة المعاصرة بأسرها" ( )، فالصورة هي العمود الذي تنبى عليه القصيدة ، وهي الحامل للفكرة ، لا بل هي الحامل للغرض الشعري، وهي الحالة الإبداعية التي يتحلى بها الشاعر ، ويقول كما أبو ديب في ذلك : " هي جزء حيوي في عملية الخلق الفني" ( )
وهذا فالصورة الشعرية ركيزة من ركائز العمل الأدبي، وهي تمثل جوهر الشعر ، وأم وسيلة للشاعر في نقل تجربته ، والتعبير عن أحاسيسه ومشاعره.
فالصورة " ليست شيئاً جديداً، فالشعر قائم على الصورة منذ أن وجد حتى اليوم ولكن استخدام الصورة يختلف بين شاعر وآخر، كما أن الشعر الحديث يختلف عن الشعر القديم في استخدامه للصورة" ( )