--------------------------------------------------------------------------------

لابد أن أذكر في البداية أن الله قد مدح في القرآن الكريم وفي العديد من الآيات صحابة النبي (صلى الله عليه وآله ) الذين أحبوه واتبعوه من غير استعلاء ولا غايات في نفوسهم بل ابتغاء مرضاة الله أولئك رضي الله عنهم ورضوا عنه وهذا القسم من الصحابة لا يختلف المسلمون حولهم وبحثنا لا يتعلق بهذا القسم ولا يتعلق أيضاً بمن اشتهر بالنفاق وهم معرضون بالطعن من قبل المسلمين جميعاً ولا خلاف حولهم أيضاً ولكن بحثنا يتعلق بالصحابة الذين اختلف فيهم المسلمون ونزل القرآن بتوبيخهم وتهديدهم في بعض المواقع فالشيعة ينتقدون أقوالهم وأفعالهم ويسقطون عدالتهم والسنة يدافعون عنهم ويبررون لهم ويخترعون لهم المناقب ولو اسأوا في هذه المناقب للنبي (صلى الله عليه وآله)

1- مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{29} سورة الفتح
يحاول ( أهل السنة ) من خلال هذه الآية اثبات عدالة الصحابة ويحتجون بها على الشيعة مع أنها واضحت وضوح الشمس في رابعة النهار فاولاً قال ( والذين معه ) فلم يقل وصحابته ثانياً وهو الاهم قوله ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم) ومنهم تفيد التبعيض أي وعد الله فقط من أمن منهم وعملوا الصالحات بالمغفرة ولم يعدهم جميعاً وهذا من قواعد اللغة العربية التي لا تحتاج لخبراء في اللغة لتبيانها

2- وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ{144}سورة آل عمران
فهذه الآية صريحة وواضحة في أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول مباشرتاً ولا يثبت منهم إلا قليل لاحظ آخر الآية (وسيجزي الله الشاكرين ) فالشاكرون قلة قليلة كما قال الله تعالى ( وقليل من عبادي الشكور ) ويؤكد مفاد هذه الآية الرواية التالية فقد روى البخاري في صحيحه ج7 ص 209 باب الحوض
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يُؤخذ باصحابي إلى النار فأقول: يارب أصحابي ! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقاً من بدّل بعدي ولا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم
فهل يوجد أوضح من هذا لمن ألقى السمع وهو شهيد

3- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ{38} إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
{39} سورة التوبة
هذه الآية يوبخ الله بها الصحابة الذين تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون إلى الحياة الدنيا وقد جاء التهديد بإستبدالهم بغيرهم وهذا التهديد ذكر في آيات أخرى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{54}) المائدة و(هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ{38}) محمد

4- (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{16})الحديد
في الدر المنثور للسيوطي قال: لما قدم أصحاب النبي
(صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فنزلت الآية
( ألم يأن .........) وفي رواية أخرى إن الله استبطأ قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن فأنزل الآية ....... والسوأل الذي يُطرح هنا إذا كان هؤلاء الصحابة وهم خيرة الناس كما يقول ( السنة ) لم تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من القرآن خلال 17 سنة حتى استبطأهم الله وحذرهم من قسوة القلوب أليس يستحق هذا وقفة تأمل؟ ولاحظ الخطاب في أول الآية ( للذين أمنوا ) ولا حظ أخر الآية وهو مهم جداً (وكثير منهم فاسقون ) والآن استحضر الآية
( وقليل من عبادي شكور ) فتأمل وانتبه

هذا غيض من فيض ونتيجته بكل بساطة ما يقوله الشيعة ليس كل الصحابة عدول وليس كل من صاحب النبي (صلى الله عليه وآله )
اصبح ملاكاً وعيه يجب التمييز بين الاخيار والاشرار بين من فدا النبي (صلى الله عليه وآله) بنفسه ودافع عنه عند اشتداد الوطيس وبين من فر فرار النعاج في الغزوات فأين الثرا من الثريا